فصل: بصيرة في ذكر اسماعيل بن ابراهيم الخليل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.بصيرة في ذكر اسماعيل بن ابراهيم الخليل:

وهو اسمٌ أَعْجَمىّ كسائرِ أَسماء الأَعْلام الأَعْجَميّة، وهو أَوّل من يُسَمَّى بهذا الاسم من بنى آدَمَ، واحْتَرَزْنا بهذا القَيْد عن الملائكة فإِنّ فيهم إِسماعيل وهو أَمين الملائكة.
وتَكَلَّف بعضُ النَّاس وجعل له اشتقاقًا من سَمِعَ، وتركيبًا منه ومن إِيل، وهو اسمُ الله عزَّ وجَلَّ، قال: فإِنْ كان وَزْنه إِفْعاليل فمعناه: أَسْمَعَه الله أَمَرَه فقامَ به.
والَّذى قال: وَزْنُه فُعاليل لأَنّ أَصله سُماعيل قال: معناه سمع من الله قولَه فأَطاعه.
وكان له عليه السّلام عَشْرُ خَصائصَ: الأَوّل أَنّ لغتَه كانت لُغَة العَرَب، وإِليه يرجع أَنْسابُهم، وكان مَرْكَزَ نُورِ النبي المصطفَى، ووَلَدَ الخَليلِ، وجَدَّ الحَبِيب، وشَرِيكَ إِبراهيمَ في بناء الكَعْبَة، ومُسْتَسْلمًا مُنْقادًا للذَّبْح عند امتحان إِبراهيم به.
واختصّ بخِلْعَة {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.
ومن مفاخر قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: أَنا ابْنُ الذَّبِيحَيْن، والثانى عَبْدُ الله بن عَبْدِ المُطَّلِب.
وقد دعاه الله في القرآن باثْنَىْ عَشَرَ اسْمًا: غُلامٌ، وعَليمٌ، وحَليمٌ، ومُسْلَمٌ، ومُسْتَسْلِمٌ {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}، آمرٌ {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاَةِ}، وصابرٌ {إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، مَرْضِىٌّ {وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}، صادقُ الوَعْد {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} رَسُولٌ نَبِىٌّ {وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا}، مَذْكُورٌ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ}.
وذكره الله تعالى باسمه في عشرة مواضع في القرآن:
{وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ}، {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ}، {نَعْبُدُ الهكَ وَاله آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ}، {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ}، {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} إِلى قوله: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}، {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}، {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ}، {الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ}، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ}، وفى صحيح البخاري: «كان النبي يُعوّذ الحسنَ والحُسيْنَ رضى الله عنهما؛ أُعِيذُكُما بكَلِماتِ الله التامَّةِ من كُلِّ شَيْطانٍ وهامَّة، ومِنْ كُلِ عيْنٍ لامَّةٍ، ويقول: إِنّ أَباكُما كان يُعوِّذ بها إِسماعيل وإِسحاق»، فقال: «ارْمُوا بنِى إِسماعيل فإِنَّ أَباكُم كان رامِيا».
وكان أَكْبر من إِسْحاقَ، واخْتُلِف في الذَّبيح منهما، والأَكْثَرون على أَنَّه إِسْماعِيل.
وفى الصّحيح: «إِن الله اصطفَى من ولد إِبراهيم إسماعيل، واصْطفى من ولَدِ إِسماعِيل بنى كنانة، واصْطَفَى من بنِى كِنانَة قريشا، واصْطَفَى من قُريْشٍ بنِى هاشِم، واصْطفانِى من بنِى هاشم».
وقصّة إِسماعيل وأُمِّه وزَمْزَم ذكرها في موْضعه من غير هذا الكتاب.
قال:
لا نَسْتَطيعُ لما قَضاهُ ربُّنا ** مِمَّا عَلَيْنا أَوْ لَنَا تَبْدِيلاَ

لِقَضائه نَبْكى ونَحْزَنُ والبُكا ** ء وحُزْنُنا لا يُغْنيانِ فَتِيلاَ

أَبْصِرْ خَلِيلَ الله جاءَ مُشاوِرًا ** في أَمْرِ رُؤْيا الذّبْحِ إِسْماعِيلاَ

فاسْتَعْصَما واسْتَسْلَمَا لِقَضائه ** وَعلَى المُهَيْمِن عَوَّلاَ تَعْوِيلاَ

طِبْ يا بُنَىَّ فلا مَرَدَّ لِحُكْمه ** واصْبرْ عليه واتَّخِذْه وَكِيلًا

.بصيرة في ذكر اسحاق عليه السلام:

هو اسمٌ أَعجمىٌّ غير منصرف للعُجْمَة والعَلَميَّة، وهى سُرْيانيَّة، وقيل: مشتقٌّ من السَّحْقِ.
والإِسْحاقُ: الإِبْعاد، والسَّحْقُ: البُعْد ومَكانٌ سَحيقٌ: بَعيدٌ.
والسَّحْقُ بالفتح: السَّهْل، أَو هو الدَقُّ، ومسْكٌ سَحيقٌ: مَسْحوقٌ.
وقد ذكره الله تعالى في مواضعَ من التَّنْزِيل فقال: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ}، وقال: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ}، {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ}، {عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ}، {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}، {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ}، {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًا هَدَيْنَا}، {وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}، وعلى قول من قال هو الذَّبِيح، يكون مُبَشّرٌ، وغُلامٌ، وعَلِيمٌ، وحَليمٌ، وصابِرٌ، وآمِرٌ، ومُسْلَمٌ، من أَسمائه عليه السّلام.
عاش مائة وثمانين سنة، وقبرُه عند قبر أَبِيه، ووُلد قبل إِسْماعيل بأَربَعةَ عَشَر سنةً.
قال:
اللهُ ربى كافل الأَرزاقِ ** وهو الحَسيبُ لقِسْمة الأَخْلاقِ

قَسَمَ السّوائل والمآكل بَيْنَنَا ** فأَتى الخَلائقَ كُلَّهم بخَلاقِ

فالخَلْقُ من حَسَناته والرِّزْقُ منْ ** بَرَكاته والكُلأُّ باسْتحْقاقِ

عَجّل وقسّم إِنْ تَشَأ تصديقَها ** فاقْرأَ: وبارَكْنَا عَلَى إِسْحاقِ

.بصيرة في ذكر يعقوب عليه السلام:

وكان اسمه إِسرائيل، وكلاَ الاسمين أَعْجَمىٌّ غير مُنْصَرِف للعُجْمة والعلمية، هذا هو الذي عليه الأَكثرون.
وتكلَّف بعضُهم في القول باشتقاقهما، فقال في إِسْرائيل إِسْر بالسّريانية: الصَّفىّ والخاصَّة، وإِيل بلغتهم: اللهُ، فمعناه صَفىُّ الله وخاصَّتُه.
وقيل: أَسْرا مَعناه: الأُسْرَة، وإِيل بمعنى الآل، أي هو نَبِىٌّ وآلُهُ وأَقارِبُه أَنْبِياءُ.
وقيل: أَسْر من الأَسْر، وإِيل اسم شَيْطانٍ.
وسُمِّىَ به لأَنَّه عليه السّلام كان خادمًا للمَسْجد الأَقْصَى والمَسْجد الحرام على اختلافِ القولَيْن، وكان يُوقِدُ فيه السُّرُجَ للعابدين والمُصَلِّين، وكان الشيطان المسمّى إِيل مُسَلَّطًا عليها يأتيها ويُطْفئُها، فلمّا اطَّلع على ذلك يعقوبُ تَرَصَّد له وأَسَره ورَبَطه إِلى سارِيَةٍ حتى رآه الناسُ عَيانًا، فقالوا أَسَرَ إِيل أي أَسَرَ الشيطان، فخفَّفوه وقالوا أَسْر إِيل.
وأَمّا يعقوبُ فإِنَّه سُمِّىَ به لأَنه كان يعقب أَوامَر الله تعالى ونَواهيَه من كتابه فيَعْمَل بها.
وقيل: سُمِّىَ يعقوبَ لأَنَّه عاقَبَ شَيْطانَه المتقدّم ذكْرُه.
وقيل: لأَنَّه يَعْقُبُه ذُرِّيَّتُهُ.
وقيل: لأَنَّه خرجَ من بَطْنِ أُمِّه متعلِّقا بعَقب أَخيه عيصو، وسُمِّىَ أَخوه عيصُو لأَنَّه عَصَى بالتَّقَدُّم عَلَيْه.
وفى بعض الآثار القُدْسيّة أَنَّ الله تعالَى قال: لَوْ عَلمْتُ شيئًا أَبْلَغَ في عُلُوِّ دَرَجَةٍ من الهَمِّ والحُزْنِ لابْتَلَيْتُه.
وأَوْحَى الله إِليه لمّا أَكْثَر من البُكاءِ على فراقِ يوسف، يا يَعْقُوبُ من الهَمِّ والحُزْنِ لابْتَلَيْتُه.
وأَوْحَى الله إِليه لمّا أَكْثَر من البُكاءِ على فراقِ يوسف، يا يَعْقُوبُ هذا بُكاؤك على فِراقِ الوَلَدِ، فكيف بكاؤك على فِراقِ الوَاحِدِ الأَحَد! وقِيلَ لمَّا قَدِمَ البشيرُ على يَعْقُوبَ يُبَشِّرُه ببَقاءِ يُوسُفَ ولِقائه قال يَعْقُوب: على أي دِين تَرَكْتَه؟
قال عَلَى الإِسْلام.
فقال: الآن تَمَّتِ النِّعْمة.
وكان يَعْقوبُ حَفِيدَ الخَلِيل، ووَلَدَ الذَّبِيحِ، ووالِد الصدِّيق، ومُقْدَّمَ الأَسْباط وشَيْخَهم، وجَدَّ أَنْبِياءِ بنى إِسْرائِيلَ، وابن أَخى إِسماعيل، ووارِثَ جَمالِه.
واعتكف في بيت الأَحْزان أَرْبَعِينَ سَنَةً، وقيل: سَبْعِين سنةً.
واسْتَنْشَقَ ريحَ ثَوْب يوسفَ من مسافةِ ثمانين فَرْسَخًا.
وقد ذكره الله تعالَى في مواضِعَ من القرآن المجيد: الأَوّل في وَصِيَّةِ الذرِّيَّة بمُحافَظَتِهم على المِلَّة {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ}.
الثَّانى: في الخَبَرِ من الحال وَقْت الترحال: {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}.
الثالث: في موافقة الدَّعْةِ مع أَبْناءِ النُّبُوَّة: {وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}.
الرّابع: نسبة الأَسباطِ إِليه للشَّرَف والمَنْزلة {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} إِلى قوله: {وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ}.
الخامس: البِشَارة بوجُودِه قَبْلَ مَوْلودِه: {وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}.
السّادِسُ: المِنَّة على إِبراهيمَ به وبكَوْنه نافِلَةً {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}.
السّابع: إِخْلاصُه في طَريق الدِّيانَة.
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}.
الثامِنُ: في وَعْدِ يُوسُفَ بتَمام النِّعْمة عليه {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ}.
التَّاسع: في حُصُول المَقْصُود وقَضاءِ الحِاجَة: {إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}.
قيل ثمانِيَةُ أَنْفُس ابْتُلُوا بِفراق ثمانِيَةٍ فوقعُوا بإِثْرها في مِنْحَة أَو مِحْنَة: ابْتُلِىَ آدمُ بِفراق الجَنَّة فوقع على إِثْرها في مِحَنِ الدُّنْيا {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ}.
وابْتُلِىَ نوحٌ بفراق كَنْعان فوقَع في أَثره في المَلامَة بسَبب شَفاعَته فيه: {إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
وابْتُلِىَ يُونُس بِفراقِ القَوْمِ فَوقَع في أَثَرِه في ظُلْمَة البَحْرِ وظُلْمَة بَطْن الحُوت {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ اله إِلاَّ أَنتَ}.
وابْتُلِىَ سُلَيْمان بفِراق المُلْكِ فَوقَع على أَثَرِه في الابْتلاءِ والمَلاَمة، لقوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}.
وابْتُلِىَ مُوسَى بِفراقِ أُمِّه فوقع على أَثَره في قَبْض فِرْعَوْنَ لقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ}.
وابْتُلىَ صَلَّى الله عليه وسلَّم بفراقِ مكَّة فصار على أَثَره في دار الهِجْرة والمُهاجَرَة: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}.
وابْتُلِىَ يُوسُفُ بِفراقِ أَبِيه فوقع على أَثَرِه في بِئْر الوَحْشَة وحَبْس البَليَّة: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ}.
وابْتُلى يَعْقوب بِفراق يُوسُفَ فوقَع في بَيْت الأَحْزانِ وزَاوِيَة الهُموم وتوظَّفَتْه الآلام والغُموم: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}، ثم انتقل من زاويَة المحْنة إِلى بَسْط المِنْحَة وعالَم البُشْرَى والمَسَرَّة.
قال:
وَرَدَ البَشِيرُ مُبَشِّرًا بقُدُومهِ ** فمُلِئْتُ من قَوْل البَشِير سُرُورا

واللهِ لَوْ قَنع البَشِيرُ بمُهْجَتِى ** أَعْطَيْتُه ورَأَيْتُ ذاك يَسِيرا

لَوْ قالَ هَبْ لىِ ناظِرَيْكَ لَقُلْتُهَا ** خُذْ ناظِرَىَّ فما سَأَلْتَ كَثِيرَا

وكَأَنَّنِى يَعْقُوبُ مِن فَرَحِى بِهِ ** إِذْ عادَ من شَمِّ القَمِيصِ بَصِيرا

.بصيرة في ذكر يوسف عليه السلام:

ويُثَلَّثُ سِينُه، وهو اسمٌ أَعْجَمِىٌّ غَيْر مُنْصَرِفٍ للعِلَّتَيْن.
وقيل: مُشْتَقّ من الأَسَف، فيُوسف بكسر السِّين يُفْعِل من آسَفَ يُوسفُ إِذا أَحْزَنَ وأَهَمَّ وأَغْضَبَ، لأَنَّه آسَفَ أَباهُ بفِراقه.
ويُوسَف بفتح السّين لأَن إِخْوته حَزَّنوه بفراق أَبِيه.
قويل: أَصله يَأسَفُ بفتح الياء والسّين، يَفْعَل من الأَسَف، لأَنه أَسِفَ في الغُرْبة والمِلْكة.
وفى بعض الآثار: لمّا أَخْرَج الله الذُرِّيَّة من ظَهْرِ آدَمَ وعَرَض عليه أَمْثال الذر، أَراه في الطبقة السّادسة شخصًا مَهيبًا من الرِّجال، على وَجْهِه بَهْجَةُ الجمال، قد تُوِّج بتاج الوَقار، وهو مُرْتَدٍ برداءِ الكَرامَة، مُتَّزِزٌ بإِزار الشَرَف، عليه قميصُ البَهاءِ، وفى يَدِه قضيبُ المُلْكِ، وعلى يَمِينه سبعون أَلْفَ مَلك، وعلى يساره هكذا، وخَلْفَه أُممٌ الأَنْبِياءِ، لهم زَجَلٌ بالتسبيح، وبين يَدَيْه شَجَر السَّعادة يَدُور معه حَيْثما دارَ.
فقال آدمُ يا ربّ مَنْ هذا الذي أَبَحْت له بحبوحَةَ الكَرامة، وأَنْزَلْته هذه الدّرجةَ العالية؟ قال الله تعالى: هذا ابْنك المَحْسُود من إِخْوَته؛ يا آدَمُ انْحَلْهُ وسَمِّه، فنَحَلَه ثُلُثَىْ جَمالِ أَوْلاده، وضَمَّه إِلى صَدْره، وقَبَّل ما بَيْن عَيْنَيْه وقال: يا بنىّ لا تَأسَف فأَنت يوسف، فأَوّل من سَمّاه بهذا الاسْم آدَمُ.
وقيل إِنَّ يُوسُفَ ورث الجَمالَ من إِسحاقَ، وإِسحاقَ وَرِثَهُ من أُمِّه سَارة، وسارة وَرِثَتْ من أُمِّها حَوّاء.
وقال كَعْبٌ.
قُسّم الجمالُ عَشَرَة أَجْزاء، تسعةٌ منها ليُوسُف وواحدٌ لجميع أَولاد آدم.
وقال النبي صلَّى الله عليه وسلم: «رَأَيْت يُوسف لَيْلَة أسْرىَ بى في السَّماءِ الرّابعَة، فقيل: كيف رَأَيْتَه يا رسولَ الله؟ فقال: كالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْر»، وقال: أُعْطِىَ يُوسُف وأُمُّهُ شَطْرَ الحُسْنِ.